تشريف وتعظيم وتكريم النبي محمد
صلى الله عليه وسلم ...فكل مَنْ بايع النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة
وإستجابة دعوته العالمية فقد بايع الله،، ويؤكد ذلك قول الله سبحانه وتعالى :
{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * إِنَّ
الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى
بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
اللهم إني أشهدك على أنني بايعت النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين على السمع والطاعة وإستجابة دعوته العالمية
شاهِداً على أمتك في القيامة
بتبليغ الرسالة، لقوله تعالى: (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)
وَمُبَشِّراً بالثواب والجنة
لمن أطاعك.
وَنَذِيراً ومنذرا مخوفا
بالعقاب والعذاب لمن عصاك،،
فالذين يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم
إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ
لأن اللَّه هو المقصود بالبيعة، مثل:{ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ
اللَّهَ}
إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً أي إننا
أرسلناك يا محمد رسولا شاهدا تشهد على الخلق وعلى أمتك تبليغ الرسالة، ومبشّرا
بالجنة المؤمنين المطيعين، ومنذرا مخوّفا بالنار الكافرين العصاة.
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ، وَتُعَزِّرُوهُ، وَتُوَقِّرُوهُ، وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
أي إنا أرسلناك لتؤمنوا بالله ورسوله- والخطاب لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه
وسلّم ولأمته- وتقووا وتؤيدوا اللَّه بنصرة دينه ورسوله، وتعظّموه، وتنزّهوا
اللَّه عما لا يليق به من الشرك والولد والصاحبة والتّشبيه بالمخلوقات، على الدوام،
أو في الغداة والعشي، أي أول النهار وآخره، و أكثروا من الصلاة والسلام على النبي
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد بيان أنه مرسل، قال اللَّه عزّ وجلّ تشريفا وتعظيما وتكريما
لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،، ليبيّن أن من بايعه فقد بايع اللَّه تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ، يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ} أي إن الذين يبايعونك أيها النّبي المصطفى المبعوث رحمة للعالمين ،
إنما يبايعون اللَّه، أي يطيعونه ويعاهدونه على امتثال أوامره، لأنهم باعوا أنفسهم
من اللَّه بالجنة، ولأن طاعة الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم هي طاعة اللَّه تعالى
في الحقيقة.
ثم أكّد هذا المعنى بقوله: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ أي أن
عقد الميثاق مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كعقده مع اللَّه سبحانه على
السواء، وأن اللَّه هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم
وظواهرهم، وهو تعالى المبايع بواسطة رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم، كقوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ
لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَقْتُلُونَ
وَيُقْتَلُونَ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ
وَالْقُرْآنِ، وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ، فَاسْتَبْشِرُوا
بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}
وأن نعمة اللَّه عليهم بالهداية فوق إجابة البيعة، كما قال تعالى:{
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا، قُلْ: لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ،
بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ}
وبعد ذلك،، (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ
أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ، فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) أي يتفرّع
عن البيعة مع اللَّه أنه من نقض العهد مع النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فإنما
وبال ذلك وضرره على الناقض نفسه، لا يجاوزه إلى غيره.
ومن وفّى بالعهد وثبت عليه،
ونفّذ ما عاهد عليه الرّسول صلّى اللَّه عليه وسلّم في كل مابلغ به النبي صلى الله عليه وسلم من رب
العالمين ويبايعه على السمع والطاعة وإستجابة دعوته العالمية ، فسيؤتيه اللَّه
ثوابا جزيلا، ويدخله الجنة، كما قال تعالى:{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَعَلِمَ ما فِي
قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً}
🌾
وهذه البيعة قائمة في كل وقت وحين إلى قيام الساعة لجميع المؤمنين والمؤمنات على
السمع والطاعة وإستجابة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين كما
قال رب العزة { وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين}
وبيعة النبي صلى الله عليه وسلم و مهامه المذكورة في الأيات القرآنية السابقة هي ثلاث: أ- الشهادة على الخلق وعلى أمته
بالبلاغ، فهو يشهد على الناس بأن رسولهم وأنبياءهم بلغوهم رسالة اللَّه بما أخبره
اللَّه به في القرآن، ويشهد على أمته بتبليغهم الرسالة الإلهية، وقد أعلن ذلك في
حجة الوداع: «اللهم قد بلّغت، اللهم فاشهد» .
ب- وتبشير من أطاعه بالجنة.
ج- وإنذار من عصاه بالنار.
وقد قال الله تعالى في سورة
الأحزاب:{ ياأيها النبي إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً، وَمُبَشِّراً، وَنَذِيراً،
وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ، وَسِراجاً مُنِيراً} وهذا لأن المقام في
الأحزاب مقام ذكر الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم، لأن أكثر السورة في ذكر الرسول
صلّى اللَّه عليه وسلّم وأحواله، ففصل في مهامه، واقتصر في سورة الفتح على الثلاث
المتقدمة، ثم ذكر بعدئذ ما يدل على كونه داعيا وكونه سراجا في قوله: لِتُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ
إن الغاية من إرسال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم هو الوصول إلى
الإيمان بالله تعالى ورسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم، ونصرة دين اللَّه ورسوله،
وتعظيم اللَّه وإجلاله، وتسبيحه بالقول وتنزيهه من كل قبيح على الدوام، في كل وقت وحين
إن الذين بايعوا النبي صلّى
اللَّه عليه وسلّم في كل مابلغ به من رب العالمين وتأيده ونشر دعوته العالمية
ومناصرته فقد بايعوا اللَّه تعالى، فبيعتهم للنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إنما هي
بيعة اللَّه تعالى، كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ
اللَّهَ}
أيها الأحباب بايعوا رسولكم الكريم على السمع والطاعة وإستجابة دعوته
العالمية وأكثروا من الصلاة والسلام عليه وعلى آله وصحبه أجمعين في كل وقت وحين