سأعود ياأمي إلى البستان
قد زارني في الحلم قد أبكاني
تلك الورود زرعتها في مهجتي
كانت تتوق للمستي وحناني
أنا كم سمعت أنينها فوق الصدى
يرنو ألي معاتبا أشقاني
والتوتة الشماء صارت تشتكي
وتقول إن غيابكم أضناني
والفلة البيضاء زال عبيرها
مذ لامستها راحة السجان
الدار تحكي للنسيم حكاية
مكتوبة من أدمع الرمان
قلبي تذكر يوم كنت صغيرة
فهفى وطار على جناح حنان
وذكرت صوتا كان منك يعيدني
عن غلطة فأعود كالنعمان
تلك الشقائق للنصائح فتحت
واستقبلت نيسان في الوديان
أمي ذكرتك والبلاد بعيدة
بيني وبينك ما أراد الجاني
يا أم ماهذا الذي أودعته
قرب المغارة فاستفاق يعاني
طير يرفرف في دمائي خافقا
سموه روحا وهو كل كياني
ويمر طيف أبي يحاكي مهجتي
من قبره يا أم قد واساني
تلك العشية حين كنت أزوره
في بسمة من ثغره يلقاني
ويقول في فرح أتيت بنيتي
وكأن هذا النور جاء يراني
مذ فارق الدنيا إلى عليائها
ذبل الربيع وضج بالخسران
هو هكذا حزن الجمال رأيته
مثلي إذا سافرت في الأحزان
تاهت على درب الحقول حكاية
كانت لنا في العمر كل أماني
يا أم كم أحنو لصدرك والندى
رطب تناثر حوله أشجاني
أنا كلما هيأت جفنى للكرى
أحسست طيفك كالملاك أتاني
وسمعت للقلب المتيم شهقة
ردت إلي النبض في الشريان
وكبرت ياأماه من ظلم النوى
وغدوت أفقد رونقي وجناني
هذي الشآم أعيش في أحضانها
قد عوضتني لوعة الحرمان
سكبت على قلبي الجريح حلاوة
هي بلسم في طعمه أغواني
قبلت وجه الأرض وهي تضمني
أيضا لنا في الأرض حضن ثاني
وإذا التقيت بخالدية أشتكي
في وجهها ذكراك قد أحياني
هي خالتي ياأم وهي حنونة
كم أحتفي في حيفها بأماني
أرسلت ياأمي إليك رسالة
إني أعيش مرارة الفقدان
في عيدك الميمون تنزل دمعت
ولمر فقدك أشتكي وأعاني
سنعود ياأماه بعد فراقنا
ألقاك تنتظرين في البستان
وسيزهر النوار ببن ربوعنا
وطني سيبقى أجمل الأوطان