جاري تحميل ... حديث الصباح

إعلان الرئيسية

آخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الكاتب الصحفي الكبير  صبري الموجي

مدينة بنها بفتح الباء أو كسرها، أو (بنها العسل) هي مدينةٌ فرعونية قديمة، اختلفت الرواياتُ حول تسميتها، فمن قائلٍ إنها ترجع إلى كثرة مناحل العسل بهذه المدينة لوجود أشجار (الجميز) الضخمة، وقائل إن تسميتها بهذا الاسم ترجع إلى أيام المقوقس حاكم مصر، الذي أهدى النبىّ جاريته (مارية القبطية) التى صارت زوجه فيما بعد ومعها (جرةٌ) مملوءةٌ بالعسل، وبالسؤال عن مصدره علم أنه من قرية تُدعى بنها، فقال المصطفى : بارك الله فى بنها وعسلها.

وبعيدا عن سبب التسمية تعالوا نتفق على أن هذه المدينة قد حباها الله بالعديد من المقومات التي أهلتها لتصير عاصمة لمحافظة القليوبية بدلا من مدينة (قليوب) التى ظلت لفترات طويلة العاصمة الرسمية لمديرية القليوبية.

من تلك المقومات عبقرية المكان إذ إنها تبعد عن مدينة القاهرة عاصمة مصر بنحو 45 كيلو مترا فقط، ومن ثم فيمكن القول إنها امتدادٌ طبيعى للعاصمة، وليست محافظة أخرى، فضلا عن أنها ظلت لفترات تتمتع بحدائقها الخلابة؛ مما شجّع الخديوى عباس حلمى أن يُنشئ له قصرا بها، ينعم فيه بهدوء المكان وسحر الطبيعة، فضلا عن أنها جمعت بين محاسن الريف والمدينة، فيمكن أن نقول إنها ريفٌ متمدن، أو مدينة ريفية !

وقد ظلت تلك المدينة لزمن قريب تنعم بسحر المكان وانسيابية الحركة المرورية، وهدوء الشوارع التي صُممت على أحدث طراز

، حتى صدرت مؤخرا قراراتٌ ظنّ أصحابُها أنهم يُحسنون صنعا، لكنها أساءت لتلك المدينة وسكانها أبلغ إساءة.

من تلك القرارات - التي أصابت مدخل مدينة بنها من جهة الرياح التوفيقي بالشلل التام، حيث صار الدخول والخروج منها أمنية من رابع أو عاشر المستحيلات، أو أى رقم شئت - إنشاء كوبريين متوازيين أعلى الرياح التوفيقي دون وجود رابطٍ بينهما، بمعنى أن الكوبريين (متخاصمان) لا يلتقيان؛ مما نفَّر سائقي سيارات الأجرة داخل المدينة من استخدامهما هربا من اللف والدوران الذي يُهدر الوقت والبنزين معا، وظل مرور السيارات دخولا وخروجا للمدينة من نفس المدخل الذي كان قبل إنشاء الكوبريين، اللذين تكلفا أكثر من 220 مليون جنيه، في حين أن حاصل الفائدة منهما صفر !

هذان الكوبريان هما صورة مكررة من جراج رمسيس مُتعدد الطوابق، الذي بُني علي غفلة من المسئولين، وأزيل بعدما ظهرت عدم جدواه، وتكلف المواطن المصري وحده قرار إنشائه وهدمه، وتردد حينها أن مال المصريين بلا صاحب.

وحرصا من محافظة القليوبية على تعويض خسارتها من إنشاء هذين الكوبريين عديمي الجدوي، قامت بتأجير المحال أسفلهما؛ مما زاد الزحام في تلك المنطقة، وأصاب الحركة المرورية بها بشلل تام.

أضف إلى ذلك أن بعضا من تلك المحال صارت مقالب للزبالة، وحظائر للأغنام والماعز، واصطبلات لخيل العربات (الكارو)، فزادت المدينة قُبحا وزحاما، بعدما كانت مضرب المثل في الجمال والهدوء .

إن أزمتنا في وجود مسئولين لا يدرسون القرار إلا بعد تنفيذه؛ مما يُهدر علي مصرنا الغالية كثيرا من الجهد والمال .

إن شيئا من التأنى مطلوبٌ قبل الشروع فى مشروعات خاطئة، يعقبها ندمٌ فى وقت لا ينفع فيه الندم.

إن هذه الأموال الطائلة التي أُنفقت فى مشاريع خاطئة جريمةٌ في حق مجتمعنا، الذى يتحسس خطاه نحو التنمية.

أما أن نتحرك بعد أن تقع (الفاس في الراس)، أو (بعد خراب مالطا)، فهذا هو الاستهتارُ بمقدرات الأمة وحقوق المواطنين.

إنه بنظرة متأنية لعدد من قرارات المسئولين بمحافظة القليوبية، شأنها شأن بقية محافظات الجمهورية، نلمح سيادة شعار الخبط العشواء، الذي يعوق التقدم، ومن أمثلة ذلك الخبط العشواء، بجانب إنشاء الكوبريين السالفين، القطع الجائر لأشجار نمت علي الرياح التوفيقي من الجهة الغربية بدءا من مدينة بنها وصولا لمدينة القناطر، ورغم فائدة تلك الأشجار في تثبيت التربة بجانب الرياح؛ وحيلولتها دون انهدام الجسر، وكثرة الحوادث، إلا أن يدا عابثة أقدمت على تلك الخطوة دون أن تُبالى أنه قرارٌ غير مدروس شأن كثير من القرارات.

إعلان أسفل المقال