جاري تحميل ... حديث الصباح

إعلان الرئيسية

آخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة


                                          يكتبها لكم د. ثناء علي مخيمر الشيخ استاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن 

من أهم الدروس والعبر المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج لسيدنا محـﷺـمد تشريفا وتكريما ودرجات عليا لسيدنامحـﷺـمد،، هذه الرحلة العظيمة:

🌿 أولاً: العبودية لله مقام رفيع وشرف عظيم. لقد كرّم الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ورفع قدره وجعله خير البشرية وإمام البرية، وخاطبه في كتابه الكريم خطاب تكريم وتشريف ليس باسمه المجرد بل بلفظ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) و ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ﴾ ولم يُذكر باسمه إلا في أربع مواضع في القرآن الكريم وقد جاءت بصيغة الإخبار لا الإنشاء، كقوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾  وقوله: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾  لكن سياق الآيات في رحلة الإسراء والمعراج أتت بوصف النبي صلى الله عليه وسلم بوصف العبودية قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ وحكمة ذلك، أنَّ الله تعالى أراد أن يخبرنا أن الإنسان الذي أسري به هو بشرٌ مثلُكم يأكل الطعام ويمشي في الأسواق وليثبت لنا أن العبوديةَ لله هي أسمى المراتب وأعلى المقامات التي يصلُ إليها الإنسان..

🌿 فالعبوديةُ لله عزّةٌ ورفعة، وعطاء وإكرام، ومرتبة سامية لا ينالها إلا من وفق لطاعة الله وفاز برضوانه، قال أبو حيان: (لو كان لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – اسمٌ أشرف منه لسماه به في تلك الحالة). وهذا درس لنا بأن نتشرف بالانتساب إلى دين الله واتباع شرعه والسير على منهاجه دون خوف أو حياء بل بعزة وكبرياء وشموخ ملؤه الثقة بأن دين الله غالب وأن شرعه القويم منتصر وأن الله غالب على أمره ولو كره الكافرون. فالعبودية لله شرف عظيم والسير على خطى النبي صلى الله عليه وسلم وسام تكريم يتميز به عباد الله المخلصين وأتباعه الصادقين، الذين ينطقون بالحق ويجاهرون بالمعروف ويطبقون أوامر الله دون وجل أو خوف.

🌿 ثانياً: الثبات على المبدأ. الثبات على المبدأ مقام عظيم وشرف كبير من ناله فقد سار على درب النبيين والشهداء والصالحين، وهو نعمة إلهية وعطية ربانية يمنّ الله عز وجل بها على من شاء من عباده، فقد قال جل في علاه لنبيه صلى الله عليه وسلم ممتناً عليه بنعمة الثبات: (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) ويتضح الثبات على المبدأ في حادثة الإسراء والمعراج من المشهد الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم لماشطة ابنة فرعون، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِىَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَىَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ فَقَالَ هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلاَدِهَا. قَالَ قُلْتُ وَمَا شَأْنُهَا قَالَ بَيْنَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا فَقَالَتْ بِسْمِ اللَّهِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ أَبِى قَالَتْ لاَ وَلَكِنْ رَبِّى وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ. قَالَتْ أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ قَالَتْ نَعَمْ. فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَاهَا فَقَالَ يَا فُلاَنَةُ وَإِنَّ لَكَ رَبًّا غَيْرِى قَالَتْ نَعَمْ رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلاَدُهَا فِيهَا قَالَتْ لَهُ إِنَّ ليَ إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ وَمَا حَاجَتُكِ قَالَتْ أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِى في ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا. قَالَ ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. قَالَ فَأَمَرَ بِأَوْلاَدِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنِ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِىٍّ لَهَا مُرْضَعٍ وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ قَالَ يَا أُمَّهْ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ.

🌿 ثالثاً: الرجولة مواقف ومبادئ. هذه المعاني العظيمة يسطرها رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فعندما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم قريش بحادثة الإسراء والمعراج خرج شاهد زور متطوع وباحث عن الإثم متبرع؛ ليشق صف المسلمين ويزرع الفتنة بين رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فعندما سمع الصدّيق بالخبر وقص عليه القوم ما حصل، قطع عليهم الطريق من البداية وسد باب الفتنة في وجوههم ورد كيدهم إلى نحرهم وقال لهم بقلب ينبض بالإيمان ولسان ينطق بالحق: ” لئن كان قال ذلك لقد صدق” فتعجب المشركون وأُسقِطَ في أيديهم وضاعت عليهم الفرصة ونكصوا على أعقابهم وقالوا بسان اليائس البائس: ” أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ ” ، فقال : ” نعم ؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة “. فاستحق رضي الله عنه بعد هذا الصدق وهذا الموقف المشرف وهذه الثقة برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقب بلقب “الصديق”، فلا يذكر اسمه رضي الله عنه إلا قيل أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وكفاه شرفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حقه: (ما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم). وفي هذا الموقف العظيم لأبي بكر رضي الله عنه رسالة لكل مسلم أن الصديق الحقيقي يعرف بالأزمات والمواقف وتكشفه المحن والكربات، فمن أعان أخاه في الضيق والمحنة استحق الأخوة الصادقة وكان خير رفيق لأخيه ومعين، فالصداقة الحقيقة تعرف بالمواقف الصعبة والمحن المتتالية لأجل ذلك قيل في الحكمة: (الصديق من صَدَقَك لا من صَدّقك). وكما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنَّ أخاكَ الحقَّ من كان مَعَك....

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا وشفيعنا وقدوتنا ومعلمنا وقرة عيوننا وبهجة نفوسنا وإمامنا وإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدي

ليست هناك تعليقات

إعلان أسفل المقال