جاري تحميل ... حديث الصباح

إعلان الرئيسية

آخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

قصة قصيرة..للكاتب هاني بدير

........ في هذه المرة ، حاولتُ جذْبَ خيْط رقتها نحوي رويداً رويداً – كما يفعل الصياد الماهر مع صيدٍ ثمين – بداية الخيط : قُبلة تُداعبُ ضوء الصباح الذي أنار في وجهها ، فركتْ عينيْها إثر دِفء شفتيّ ، ثم راحت على مهلٍ تنفض غبار النوم عن وجنتيها ....

ابتعدتُ قليلاً ؛ لأستقبلَ جمال أول نظرة بعد الفواق .. لكنها مالتْ بجسدها ، وهي تغطُّ في نوْمها ....

داعبَ هواءُ شفتيّ بعض خصلاتِ من شعرها ، في الوقت الذي حنّتْ أنامُلي لبعض لهْوٍ ومُداعبة ....

أيقنتْ عندئذٍ أن شبح اليقظة قادمٌ لا محالة ، وبقدومه كانت الصّدمة الأولى ؛ إذْ قالت :

" افتح الشباك علشان أنشر الغسيل " !!! ، تسّمّرتُ مكاني مُناجياً نفسي : غسيل !!! ، وبعدين معاكِ ؟!!!  

-           " حاوِلْ مرة ثانية ، المرأة مُهرة تهفو لجَوادٍ يعْدو خلفها ، هيا ألْقِ لها طوْقَ نجاةٍ ؛ ينقذها من بحرِ اللامبالاة ، أرْسِلْ لها إشارة اطمئنان ، تعلّمْ من الصياد صبره ومهارته "

أنصتُ لحديثِ نفسي ، فمددْتُ لها طوق نجاة من " نجاة " : طول ما بشوفك جنبي ....

هنا زوتْ ما بين حاجبيْها ، ومن زاوية عينيها رمقتني بنظرة ، وهي تحاول أن تستيقظ وقالت :

" قومْ اطفي البوتاجاز ، الباشميل حيتحرق ..... "

فكانت الصدمة الثانية : بوتاجاز ، باشميل ، إيه الست دي ؟ !!

-           " صدّقني لا تيأسْ ، هي تختبر صبرَك نحْوها ، كما تختبر عروس البحر صيّادها ، لترى هل يستحق الفوز بها أمْ لا ؟! ، اصْبِر تنل ، تأنّ تفزْ ، قدْ دنا المُرادُ ، فلا تعجلْ ؛ العجلة تهدم لا تبني .... "

أوك ، مرة ثانية أسمع لكِ يا نفسي ، فتحتُ هاتفي على :

أنا قلبي إليك ميّال ، ومفيش غيرك ع البال ....

هاااا هاااا ، حدثت المفاجأة ، قفزتُ في مكاني قفزاتٍ طفوليّة ، وأنا أصْرخ بعبارة أحمد مظهر في فيلم ( الأيدي الناعمة ) : خونة ، خونة ، لقد اعتدلتْ في فراشها ، أفاقتْ من نومها ، ياااااااه أخيراً ....

تنفسْتُ كل هواء الغرفة ثم أخرجْتُه زفيراً كمن يلقِي عن كاهله عبئاً ثقيلاً ، أخيراً نجحت خطتي ....

نظرتْ يمْنة ويسْرة قبل أن ترفعَ وجهها في وجهي لتقول : 

" والله يا عم إنت راااايق ... نفسي أنام خمس دقايق على بعضهم ، والله حرام عليكم ، طالما صَحِّتْني من النوم ، أقوم لشغل البيت ، يلّة : اسْتعنا ع الشقا بالله "

فكانت الصدمة الثالثة ... ، عندئذٍ ضحكتُ ضحكتين لا ثالث لهما :

الأولى : كادتْ تُسْمِع مَن به صَممٌ ... تحملُ سخرية على قلبٍ والهٍ عاشق !!

الثانية : رسَمتْ حروف : مفيش فايدة ... ربنا يرحمك يا عم سعد ...!

جفَّفَ الغسيل قلبي قبل أنْ يجفَّ هو ، ألاَ جفَّفَ الله قلبكَ غسيلَ الشُّؤم !!

أحْرق الباشميل قلبي قبل أنْ يحترقَ هو !! ألاَ أحْرق الله قلبكَ كما أحْرقتني !!

إنه أراد أنْ يُعلِّمها درساً في الغناء والاعْتناء ، فعلَّمتْه درساً في الاسْتغناء والاسْتغباء !!

لكنها لعنة الإفراط على حدِّ تعبير " أحمد خالد توفيق " كانت الكارثة كلها في الإفراط ، الإفراط في الأمل ، في الحب ، في التوقعات ، في الانتظار ، في كل شيء "

وأنتم ، ماذا تعتقدون ؟!

قال الأول : أنت لمْ تفشلْ ، حاوِل ، الفشل هو أنْ تتوقف عن المحاولة ...

وقال الثاني : أسرع حاجة تخلي الست تتهِبل انك تقولها حتجوز عليها ، لذا اصرخ عند أذنيْها بهذا ، ثم ادعُ الله تعالى أمامها بدعاء هذا الأعرابي ، ستنهض من فراشها توّاً ، تلبي ما شِئتهُ :

اللهم ارزقني امرأة عيطموساً ، عيطبولاً ، عيْطاء ، وأعوذ بك من شر الصّهصاهة ، الصهصلق ، الشمشليق ، الهلوف " وخلِّي بالك كلمة امرأة هنا تعني : واحدة نسوان بالبلدي كده ، أنثى يعني فِهِمْت خلاص ؟!

وقال الثالث : لا شيء أجمل للإنسان من البعد عن النسوان ، فقلتُ باستهجان : إنك تخالف شريعة الرحمن ، وسُنة العدنان ، فضحكَ مني ساخراً كما لو مسّه جان ، فبكيتُ أنا في جنان !!

وقال الرابع : لن تجد السعادة إلا في العطاء ، أعْطِ أولاً وثانيا وثالثا ورابعاً وخامساً .... ثم خذ من عاشراً !!  

ليست هناك تعليقات

إعلان أسفل المقال