جاري تحميل ... حديث الصباح

إعلان الرئيسية

آخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

حديث الصباح – فتحي  عطية

فاعلم رحمك الله أنك تحتاج فيه إلى بدنك، (مركبتك) لتوصل بها  قلبك  (محمولك)  إلى الذي خلقه وبين له الطريق والهدف؛

فإياك واحذر أن تقلب الأمر الذي عليه فطرك !

لاتغفل أن القلب هو المحمول، والبدن هو الحامل، وليس هناك عاقل يجعل الراكب يحمل المركبة؛

 فلاتقلب المسألة كشأن

الغافلين عن كونهم على سفر :

إن أراد القلب أن يتغذى بروح ركعات الليل، ومناجاة مولاه القريب الذي يناديه في الثلث الاخير من الليل، وأراد البدن أن ينام؛ فتذكر أن القلب هو الملك، واستعذ بالله من سفه الالتفات إلى الجنود!

 

وإن أراد القلب  أن يصوم ليدخلك تحت من جعل الرحمن صومه له وهو يجزي به، وأراد البدن أن يعتاض عن ذلك بفتات الطعام والشراب؛ فإياك أن تسفه رأي الملك؛ فما جعل ملكا إلا لرجاحة رأيه!

 

وإن أراد القلب ماأراد؛ فلاتبخل عليه بطاعة بدنك؛ ففي طاعته نجاتك، وفي إذلاله شقاؤك!

وإنك إن لم تفعل؛ تحولت إلى خيال يحمل فرسه على ظهره، وكلما جاء موسم طاعة يؤجل العمل إلى موسم يليه، وهكذا تمر عليه الأوقات الفاضلة، والقلب المسكين قد سيطر عليه البدن؛ فتركه صلدا لايقدر على شيء، ولا يتزود من مراتع الزاد؛ حتى يضعف ويذبل، ويصبح عبدا؛ فيشقى، ويشقي صاحبه بشقائه، وياليت الأمر انتهى هنا؛  بل الطامة الكبرى أن هذا البدن يتحول يوم القيامة إلى عدو لدود له؛ فتشهد عليه الأسماع، والأبصار، والجلود، بأنه لم يأمرها، ولم ينهها، ولم يضبطها ،ولم يحكمها؛ بل ترك لها الحبل على الغارب:

فلا مجافاة الجنوب عن المضاجع عرفت!

ولا طعم غض البصر لله ذاقت،

ولا بطعم سماع كلام الله استمعت!

 

فأقبلت تشكوه، وحق لها أن تشكوه،

فقد خُلِقَت مطية لتخدمه؛ فجعل يخدمها ،ويرفهها، وعلى عداوته يربيها!

ولأجل هذا أتت آية النحل في سياق الكلام عن (الدواب) إن تأملت!

ياأيها السائرون السالكون المجهدون:

هذه الواحات في الطريق:

عرجوا وتزودوا ؛فياخسارة المحروم

"‏قيل لأبي مسلم الخولاني حين كبر ورقّ: لوقصرت عن بعض ماتصنع.

فقال: أرأيتم لو أرسلتم الخيل في الحلبة ألستم تقولون لفارسها: دعها وارفق بها، حتى إذا‏ رأيتم الغاية لم تستبقوا منها شيئا؟

قالوا: بلى. قال: فإني قد أبصرت الغاية، وإن لكل ساعة غاية، وغاية كل ساعة الموت، فسابق ومسبوق". (صفة الصفوة).

 

إعلان أسفل المقال